المشاركات الشائعة

الأحد، 30 مارس 2014

سيلفيا جوزيف البنت المصرية التي كررت تجربة طه حسين وقهرت الظلام
 
حوارمع: سيلفيا جوزيف البنت المصرية التي كررت تجربة طه حسين وقهرت الظلام


نشرت بواسطة


الأهرام الجديد 30 مارس, 2014 1:40 ص في




الإتسامة لا تفارقها


سيلفيا وهي طفلة


تعيش حياتها بشكل طبيعي


شهادتها من الولايات المتحدة


تعيينها معيدة يثير جدلا
بحكم العمياء ولكنني أعيش حياة طبيعية ومتفوقة في دراستي.
تفوقي الدراسة كان سبب تعجب زملائي وأساتذتي في مرحلة لثانوية.
التحقت بكلية السياسة والاقتصاد وأنهيت العام الأول وأنا الأولي علي الدفعة.
تم تعييني كمعيدة ثم سافرت لأمريكا وحصلت علي درجة الماجستير هناك.
هذه رسالتي لكل معاق ولكل أسرة بها فرد من أفرادها معاق.

بالرغم من ظروفها الصعبة إلا أنها تفوقت وحصلت علي الثانوية العامة بتفوق، ثم أنهت دراستها الجامعية بتوفق وعينت معيدة، ثم حصلت علي درجة الماجستير، انها سليفيا جوزيف التي تكرر تجربة طه حسين وتقهر الظلام، والذي كان لنا شرف اللقاء والحوار الممتع والمعزي معها.
س: عرفي القارئ بنفسك؟
ج:أنا اسمى سيلفيا جوزيف عيسى يسّى وأنا من مواليد 2 فبراير عام 1986, وأنا الابنة الكبرى لجوزيف عيسى ولورانس يوسف, ولىأخ واحد يدعى مينا وهو فى العشرين من عمره ويدرس الهندسة بالجامعة الألمانية بالقاهرة. يعمل والدى كمدير عام المعدات بقطاع المقاولاتبشركة كبيرة, أما والدتى فهى ربة منزل.
س: ما مدي قدرتك علي البصر ومتي بدأت المشكلة؟
ج: عانيتُ من ضعف البصر منذ طفولتى بسبب مرض بالعين يسمّى “جلوكوما”, وقمت بإجراء العديد من العمليات الجراحية بالعين كانتأولها وأنا عمرى 3 شهور. استمرّ بصرى فى الضعف تدريجياً مع الوقت حتى أصبحت “legally blind” خلال السنة الثانية من دراستىالجامعية. أنا الآن قادرة على تمييز الضوء وبعض الأشياء تحت ظروف إضاءة معينة, ولكنى غير قادرة على القراءة أو السير بمفردى, ولكنىأستخدم العديد من الأساليب البديلة للحركة والحصول على المعلومات واستخدام الكمبيوتر.

س: بالرغم من ضعف بصرك لكنك التحقت بمدرسة لغات كلمينا عن هذة التجربة؟؟
ج: رغم ضعف بصرى فقد التحقت بمدرسة لغات عادية, [أى غير مخصصة للمكفوفين], وتفوقت جداً فى كل المواد الدراسية بما فيهاالعلوم والرياضيات, مما أثار التعجب والتقدير لدى المدرسين والزملاء. كان لدىّ دافع قوى للنجاح كوسيلة لإثبات ذاتى والتغلب على الإحساسبالدونية الذى يعانى منه المعاق أو المحروم, كما إنى وجدتُ تشجيعاً كبيراً من والدىّ على النجاح والتفوق فقد كانوا واثقين أننى أستطيع أن أتفوقعلى أصدقائى من المبصرين. كانت تكلفة هذا التفوق باهظة حيث كنت أقضى أوقاتاً طويلة جداً وأبذل جهداً كبيراً كل يوم فى المذاكرة نتيجةًلصعوبة القراءة لفترات طويلة.
كنت أعتمد على بصرى الذى كان يضعف تدريجياً فى كل شئ حتى المرحلة الثانوية, ولكن أصبح ذلك عقبة فى طريق نجاحى, وعندهابحثتُ وعرفتُ عن البرامج قارئة الشاشة التى تمكن المكفوفين من قراءة الكتب والكتابة عن طريق الكمبيوتر, مما مكننى من مواصلة تفوقى.
س: بالرغم من ظروفك الصعبة لكنة تفوقت في الثانوية العامة واستطعت دخول الجامعة وتفوقت في الجامعة أيضا ممكن تكلمينا عن هذه المرحلة؟؟
ج: حصلت على الثانوية العامة عام 2003 بمجموع 96.5%, وألتحقتُ أولاً بكلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية بجامعة القاهرة, عن دوناقتناع شخصى, ولكن تأثراً برأى عائلتى وأصدقائى الذين كانوا يعتقدون أن هذه الكلية, لطابعها النظرى, هى الاختيار الوحيد المتاح للمكفوفينوبالتالى سأستطيع أن أتفوق بها. قضيت بكلية الآداب فترة قصيرة ثم اكتشفت أنه ليس لدىّ رغبة لدراسة الأدب الإنجليزى, وأننى لا أستطيع أنأستمر فى هذه الدراسة فقط لأن البعض لديهم توقعات متواضعة وغير حقيقية عن إمكانياتى.
عندئذ قمت بتقديم طلب تحويل من كلية الآداب إلى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية [قسم اللغة الإنجليزية] بجامعة القاهرة, وعندهااصطدمتُ بأول حادثة تمييز واضطهاد بسبب كونى أعانى من ضعف شديد فى البصر, حيث أوضحت لى وكيلة الكلية فى هذا الوقت أنها واثقةأننى لن أستطيع أن أنجح بسبب ضعف بصرى وصعوبة المادة العلمية بالكلية, ولكنّى صممتُ على أن أخذ فرصتى كالآخرين وألتحق بهذه الكليةوتخصصتُ فى الاقتصاد والإحصاء كتخصص فرعى.
بذلتُ جهداً جباراً فى الدراسة وعاوننى أهلى وأصدقائى كثيراً, حتى أنهيتُ العام الأول بالكلية الأولى على دفعتى, وكانت هذه مفاجأة للجميعبما فيهم أنا شخصياً. لكن هذا التفوق لم يكن سهلاً على الإطلاق فقد وضع الكثيرون العقبات فى طريقى بسبب ثقتهم, التى فى غير محلها, أنهميعرفون ما يستطيع الكفيف ولا يستطيع أن يحققه. على سبيل المثال رفضت الكلية فى البداية أن توفر لى شخص يقوم بالقراءة والكتابة أثناءالامتحانات.
فى عام 2008 تخرجتُ من الكلية الخامسة على دفعتى بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف, مما جعل من حقى أن أُعين معيدة بالكلية.

س: هل قابلتك مضايقات بعد تعيينك معيدة وما هي؟؟
أخبرتنى الكلية أنه من غير الممكن أن يتم تعيينى معيدة بقسم الاقتصاد لأنى فاقدة لحاسة الإبصار وبالتالى لن أستطيع أن أقوم بمهام وظيفةالمعيد, فضلاً عن أن هذا الأمر لم يحدث من قبل فى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية. فى هذا الوقت عرفتُ الإحساس بالظلم لأول مرة فى حياتى.قام السيد رئيس جامعة القاهرة بتحويل الأمر إلى السيد المستشار رئيس مجلس الدولة. أنتهت فتاوى مجلس الدولة عن جواز تعيينى معيدة بقسمالاقتصاد بسبب حصولى على تقدير امتياز مع مرتبة الشرف وكذلك تقدير ممتاز فى مادة التخصص [الإحصاء].
نشرت جريدة الأهرام بتاريخ 9 سبتمبر 2009 مقالاً بعنوان “جواز شغل الكفيف لوظيفة عضو هيئة تدريس بالجامعة”, يناقش أمر تعيينىويؤكد على ضرورة حماية المعاقين من أى شكل من أشكال التمييز, ونشر الكاتب ما قاله السيد المستشار نائب رئيس المجلس: “إن قانون تنظيمالجامعات لم يتطلب لشغل وظيفة معيد لياقة صحية تختلف عن اللياقة الصحية التى تمكن الطالب من النجاح فى سنوات الدرجة الجامعية.” كمانشر ما أكده مجلس الدولة أن إعاقتى لم تحل دون تفوقى على أقرانى من المبصرين, مما يؤهلنى لشغل وظيفة معيد. أقر مجلس الدولة أيضاً جوازتعيين المكفوفين معيدين بالجامعة دون الرجوع إلى مجلس الدولة فى المستقبل.

س: كيف حصلت علي منحة للدراسة في أمريكا؟؟
ج: لقد حصلتُ على منحة من مؤسسة أمريكية تدعى “Academy for Educational Development” للالتحاق بمركز تأهيلللمكفوفين بولاية Colorado بالولايات المتحدة يدعى “Colorado Center for the Blind” عام 2006. كانت هذه الخطوة نقطة تحولفى حياتى, حيث أيقنتُ أنه من الممكن أن أكون مستقلة ومعتمدة على نفسى فى كل شئ مثل باقى الناس.
فى هذا المركز تعلمت العديد من المهارات منها:: استخدام الكمبيوتر وكل تطبيقاته عن طريق البرامج قارئة الشاشة, والقراءة والكتابةبطريقة “Braille”, والتحرك باستخدام العصا البيضاء, والقيام بكل أعمال المنزل من إعداد الطعام إلى آخره. زادت ثقتى بنفسى عندما أيقنت أننىأستطيع أن أنجز أى شئ طالما رغبت فى ذلك, فأنا أستخدم أساليب بديلة للقيام بأى شئ أريده بالاعتماد على حواسى الأخرى. أثناء دراستى بهذاالمركز قمت بالعديد من الأنشطة التى كنت أعتبرها مستحيلة من قبل مثل تسلق الجبال والتجديف وقضاء الليل فى خيمة.

س: كيف حصلتي علي منحة الماجستير بالولايات المتحدة الأمريكية
من المهندس سميح سويرس رجل الأعمال المصرى حيث أن والدى يعمل فى شركة أوراسكم منذ أكثر من 15 سنة، للحصول على الماجستير من جامعة“George Mason University” بولاية Virginia بالولايات المتحدة. حصلتُ على درجة الماجستير بتقدير امتياز, “GPA = 4.0”, فىالتعليم مع التركيز على “Assistive Technology” وهى التكنولوجيا المساعدة التى يستخدمها المعاقون للتعامل مع جميع الأجهزةالتكنولوجي.
س: هل قمتي بالعمل في الولايات المتحدة؟
ج: نعم عملتُ كمدرسة تكنولوجيا مساعدة “Assistive Technology Instructor” فى مركز تأهيل للمكفوفين فى ولايةMaryland بالولايات المتحدة لمدة عامين. كانت مهام عملى تتضمن تدريس المكفوفين كيفية استخدام الكمبيوتر والعديد من تطبيقاته على نظامىالتشغيل Windows و Macintosh وكذلك استخدام iPhone والكثير من الأجهزة الأخرى.
س: تحبي توجهي رسالة أخيرة لك من هم بنفس ظروف ولكل عائلة بها فرد بظروف كمثل ظروفك ؟؟
ج:أحب أن أقول لكل معاق: “أنت فى نظر الله إنسان له قيمة كبيرة ومحبوب وحياتك لها هدف ورسالة. إن قيمتك هى فى شخصيتكوأفكارك ومبادئك وليست فى شكلك الخارجى أو إمكانياتك الجسدية. لا تستسلم لشعور الشفقة على الذات فإن هذا طريق يؤدى إلى اليأس والفشل.تذكر أنه مهما كانت ظروفك فإنه من المؤكد أن هناك أشخاص يعانون أكثر منك. لا تخجل من التعبير عن احتياجاتك ومشاعرك للآخرين.”
أحب أن أوجه هذه الرسالة لأسر المعاقين والمجتمع ككل: “المعاقون أشخاص طبيعيون لهم نفس الاحتياجات والطموحات مثلك تماماً,والإعاقة ليست مركز شخصيتهم, والمعاقون من فئة معينة ليسوا مماثلين لبعضهم البعض بل هم عينة عشوائية من المجتمع. المكفوفون ليسوامعاقين ذهنياً أو لديهم مشكلة فى حاسة السمع. تعامل مع المعاق بمحبة واهتمام حقيقى وقبول وقدر من الصبر. لا تتجاهل وجود المعاق. وجّهكلامك وأسئلتك إلى الشخص المعاق نفسه وليس إلى من يصطحبه. لا تفرض مساعدتك على الشخص المعاق ولا تتضايق إذا رفض مساعدتكفهو إنسان وله خصوصيته. إذا كنت تتعامل مع شخص كفيف فاحرص على أن تتحدث إليه وتصف ما ترى بقدر المستطاع, ومن فضلك تجنباستخدام الإشارات الصامتة للتحدث عن الكفيف مع الآخرين فى حضوره.”
في النهاية شكرت سليفيا علي الحديث الممتع وعلي الفرصة الجميلة التي اتاحتها لنا ولقرائنا، وكان حديثي معها سببا في تعزيتي وأتمني أن يكون نشر حديثها سببا في تعزية الكثيرين.

ليست هناك تعليقات: